كاملة التي كبرت بين جحيمين: الذاكرة والحياة.. «وقرعان (قرآن) صدر سيدي».. لا يملك المرء أمام هذا الحلفان إلا الغفران! حتى لو كادت طفلته تكون ضحية اعتقادات مربيتها كاملة. ببساطة كانت كاملة تعتقد أن المسيحيات فقط يمكن أن يولدن شقراوات بعيون خضراء، ولذلك ارتابت من وجود طفلة ملونة في منزل الشيخ العربي المسلم، فما كان منها إلا أن نزعت الدبوس عن فتحة ثوبها وهمّت بنقش الصليب على صدر الطفلة بغية استعادة حقها «المنتهك» في حمل هويتها، وفق تهيؤات مخيلة كاملة المثخنة بقصص ومرويات ضحايا المجازر التركية وما خلفته من نازحين ومهجرين ومفقودين وعائلات مكلومة بتغيير أسماء أولادها أو كنياتها تجنباً للانتقام، وأطفال تركوا في الطرقات وقد شارفوا على الموت. كل القصة…
-
-
المرأة والأمثال الشعبية، التصالح مع الذاكرة
المرأة والأمثال الشعبية: “اللي عنده معزة يربطها” والمقصود هنا المرأة، بل الطفلة ذات السنوات السبع. وفي التفاصيل، أن شجاراً وقع بين والدة الطفلة ووالد زميلها الذي “قبلّها” في المدرسة. ما أسفر عن تهديد والدتها بإرسال ابنها الأكبر ليضرب زميل ابنتها وذلك على مجموعة “واتس أب” خاصة بأولياء الأمور، ليرّد والد التلميذ “ابني ولد يبوس زي ما هو عايز، واللي عنده معزة يربطها”. هذه احدى القصص التي تناولتها الصحافة في مصر في آذار الفائت. الواقعة عصرية جداً، وسلوك التلميذين كذلك، رغم أنه أقرب للسلوك الفطري، فقط حوار “أولياء الأمور” وطريقتهما في التعاطي مع بعضهما ومع تصرف الأولاد يعيدنا إلى العصر الحجري. الأنثى تشتكي وتهدد وتتوعد ملوحة بعضلات ابنها الذكر، والذكر أبو الصبي…
-
هل “المرأة عدو المرأة”؟
هل “المرأة عدو المرأة” ؟ مزامنة مع توجهات عالمية نحو تمكين المرأة على كل المستويات بما فيها السياسية، تعود عبارة “المرأة عدو المرأة” إلى واجهة الاستهلاك اللافت عند الجنسين معاً. بداية، في معظم مجتمعات (ما قبل الدولة المدنية) توكل السلطات مهمة تربية الجيل إلى المرأة الأم مع الجدة ونساء الأسرة القريبات كالخالات والعمات والجارات وصولاً إلى المعلمات. وعلى الرغم مما تتركه كل امرأة من بصمات خاصة بها على محيطها إلا أنها محكومة بمنهج تربية عام يتضمن خليطاً من عادات وتقاليد و”عيب وحرام” ينبغي عليها أن تنقله للأبناء لتنال الرضا الاجتماعي عنها بوصفها زوجة صالحة وأماً فاضلة. وعلى ذلك فالمرأة هنا هي ناقل ووسيط، حارس وشرطي مفوض اجتماعياً ودينياً، عبر الحث…
-
الذكرى الثانية لإعدام الإيرانية “ريحانة جباري”
عن الاغتصاب : ريحانة” كانت ابنة 19 عاماً عندما استدرجها ضابط المخابرات إلى منزله لأجل العمل في الديكور (مجال تخصّصها)، وهناك حاول اغتصابها، وكان مُتعمّداً؛ حيث تقول التحقيقات إنها وجدت شراباً مُسكراً، وحسب اعترافات “ريحانة” فإنّها طعنته في ظهره وليست مسؤولة عن موته! لسنا قضاة ولن ندخل في التفاصيل الجنائية للقضية التي أثير حولها الكثير عبر ما يزيد عن خمس سنوات تلت الحادثة. أصرّ النظام الإيراني على إعدام “ريحانة” شنقاً، رغم تدخّل منظمات حقوق الإنسان والحكومة الأمريكية، بالإضافة إلى ما يفوق مئتي ألف توقيع من مختلف الجنسيات ناشدت السلطات الإيرانية التراجع عن الحكم، ولم تفعل. “هذا البلد الذي زرعتِ حبّه في داخلي لم يكن يريدني أبداً” هذا ما قالته ريحانة…
-
هل يحق لامرأة تولي منصب الأمين العام للأمم المتحدة؟
يبدو السؤال في عنوان المقالة وكأنه ينتمي إلى سالف العصر والأوان. لكنه، وعلى العكس من التوقعات وبالضد من كثير من القرارات الأممية، كان سؤالاً مثيراً لجدالات والتباسات جرى حسمها مؤخراً (في 11 أيلول/ سبتمبر 2015) لصالح الاعتراف بحق بدهيّ من حقوق المرأة. حيث اعتمدت منظمة الأمم المتحدة قراراً ينص على أن “الجعمية العامة تدعو الدول الأعضاء إلى التفكير في تقديم مرشحات لهذا المنصب…” قصة “الرجل رفيع القيمة” منذ نشوء هيئة الأمم المتحدة وحتى اليوم، تناوب ثمانية رجال على شغل منصب الأمين العام فيها، الأمر الذي لم يجرِ بفعل العادات والأعراف التي كانت سائدة وقتذاك وحسب، بل بالاستناد إلى نص صريح يطالب بأن يكون الأمين العام “رجلاً رفيع القيمة..”، الأمر الذي…
-
دفاعاً عن الانسان السوري
لا لتعدد الزوجات انتشرت في الفترة الأخيرة نكات وتعليقات تتناول قرار سحب الشباب لخدمة الاحتياط في الجيش “النظامي” من قبيل: “جنة الشباب منازلهم”، و”انضب يا رجال بالبيت”، و”ما عنا رجال تكشف وجهها”.. في إشارة إلى اختفاء الشباب المفاجئ وتحاشيهم الظهور أو العبور أمام الحواجز، خشية أن يتم سحبهم إلى الموت قاتلين أو مقتولين! هذه الطرافة المحببة الجديدة تفصح عن تغييرات عميقة قيمية وأخلاقية جرت وتجري في سوريا منذ بداية الثورة 2011 وإن تكن شديدة البطء، والمقصود مبادرة الشابات بملاطفة الشباب، وإعلان مظاهر الحرص عليهم بالكلام والموقف. يقول الرجل: لا تقصفوا، هناك نساء وشيوخ وأطفال، وتقول المرأة: لا تخرج من البيت فأنا أخشى أن أفقدك. في الحالتين، هناك حرص على الآخر،…
-
مناهضة التمييز ضد المرأة يعني مناهضة كل تمييز آخر
تكاد لا تفارقني صورة المرأة الفرنسية التي وقفت في إحدى اللقاءات لتقدّم تعليقاً على حديث تناول الوضع السوري. حقيقة لم أفهم كل ما قالته (رغم وجود المترجمين)، لأنها كادت تختنق بدموعها، تبكي دون انقطاع وتتوسل السوريين أن يغفروا لها. قالت ما معناه (لا أستطيع أن أسامح نفسي، كيف أني وعائلتي ومعارفي نعيش كل هذه السنين حياة طبيعية هادئة، وفي سوريا ناس يتألمون، يعذبون، يسجنون ويموتون! وسألت بحرقة: لماذا يحدث كل ذلك؟ كيف يصمت العالم وحكوماته عما يجري؟ وما الذي نستطيع فعله لمساعدتكم؟). في إحدى الندوات، بلغ الحضور في تعنيف أنفسهم ونقد عجزهم حداً جعل البعض يطالب بقليل من الرأفة والتعامل الهادئ علّه يوصل إلى نتيجة. وكان السؤال المعذّب: ما العمل؟…
-
التمكين السياسي للمرأة، إلى أي سياسة تتطلع النساء؟
ينطوي مفهوم التمكين على وجود طرفين الأول: قوي وقادر ومتيقن من خياراته، والثاني ضعيف وعاجز وغير مدرك للخيارات المتاحة التي من المفترض أنها ستوفر فرصاً أوفر لحياة أكثر سعادة ورفاهاً، على اعتبار الرفاه المادي والمعنوي غاية الوجود البشري. وبناء عليه عمدت هيئات الأمم المتحدة ومؤسساتها إلى تعميم فكرة واجراءات التمكين السياسي للمرأة في كافة أنحاء العالم منذ أكثر من ثلاثة عقود، وصولاً لاعتباره أحد أهم الأهداف الانمائية للألفية الجديدة. لكن التقارير الأممية مخيبة للآمال رغم كل الجهود والموارد المرصودة لتحقيق الهدف، حيث لاحظ آخر تقرير ” أنه ما من منطقة في العالم تسير على المسار الصحيح لبلوغ الهدف المتمثل بأن تشغل النساء 30% من مواقع صنع القرارات”. علماً أن المرأة…
-
هل تستطيع المرأة مواجهة التطرف الديني والمسلّح؟
يلومني صديق على اهتمامي بالموضوعات النسوية ممازحاً: “لن يفاجئني أنك ستكتبين عن دور النساء في حماية عصافير الدوري من الانقراض!”. حسناً، لا أستطيع أن أتذكر أني قابلت أو قرأت كائناً من كان، كاتباً أو عاملاً، كبيراً أم شاباً… إلا وتحدّث عن شيء ما زال يؤثر فيه من أقوال أو أفعال أمه أو جدته، والمثير في الموضوع أننا كلنا عندما نتأثر بأمهاتنا، لا يحدث ذلك نتيجة صوابية الأفكار ولا بسبب التجربة والحس السليم فحسب، وإنما بفعل ما يمكن تسميته الوجدان، أي الأحاسيس والانفعالات والقناعات الأولية (البكر) التي تولّدت لدينا ونشأنا عليها وساهمت في تكوين ميولنا النفسية وانحيازاتنا الفكرية تجاه مفاهيم الخير والشر والحب والكره والألم واللذة… ما يؤشر على الدور الحيوي…
-
المرأة السورية: مخاضات عسيرة وآمال ممكنة
في سوريا وبعد أربع سنوات من الصراع الدامي المرير، يبدو ظاهراً للعيان تفتت المجتمع وتقوض معظم بنيانه اثر انفلات العقد الاجتماعي السابق القائم على القهر والهيمنة، دون ظهور أثر لعقد جديد بين المواطنين رجالاً ونساءاً. ما يعني أن الحرب والفوضى والخراب والدمار وتبعاتهم تقع على كاهل المجتمع بكل شرائحه وأطيافه، وتدفع كلفها الباهظة الأطراف الأكثر ضعفاً وهامشية: المرأة والطفل وكبار السن تعاني المرأة السورية اليوم من النزوح والتشرد وفقدان المأوى وواجب حماية الأولاد ورعايتهم بعد غياب الزوج في القتال أو موته أو اصابته أو اعتقاله أو خطفه أو معاناته من البطالة، وهاجسها ضمان حق الحياة لنفسها ولأولادها وتعليمهم وتأمين غذائهم وصحتهم وحمايتهم من الاعتداءات المادية والمعنوية في ظل انفلات أمني…