تتحدث آخر الأرقام عن أربعة مليارات ونصف المليار من الإعجابات (اللايكات) اليومية التي يضعها مشتركو الفايسبوك على منشورات بعضهم البعض. ما يوحي بأن العالم ليس “قرية صغيرة” فقط، بل قرية معجبة ببعضها ومتحابة أيضاً! إذا كان التواصل يقرّب بين الناس، فلمَ تسود الكراهية القاتلة إذن؟ ولمَ ينفق العالم المتمدن تريليون ونصف التريليون من الدورلات على التسلح؟ لا يمكن إنكار فضائل الليبرالية (الحرية الرأسمالية)، التي عممت منتجاتها التقنية والعلمية والفكرية على البشرية في سياق بسط سيطرتها على العالم بما يتوافق مع مصالحها في توسيع أسواقها وتطويع القوانين والأنظمة الاقتصادية، وما يتبعها من بنى اجتماعية وثقافية استهلاكية تحديداً، الأمر الذي يمثل الجانب الإيجابي في العولمة، ما حدا باتجاهات يسارية، بيئية ومناهضة للآثار…
-
-
هل “المرأة عدو المرأة”؟
هل “المرأة عدو المرأة” ؟ مزامنة مع توجهات عالمية نحو تمكين المرأة على كل المستويات بما فيها السياسية، تعود عبارة “المرأة عدو المرأة” إلى واجهة الاستهلاك اللافت عند الجنسين معاً. بداية، في معظم مجتمعات (ما قبل الدولة المدنية) توكل السلطات مهمة تربية الجيل إلى المرأة الأم مع الجدة ونساء الأسرة القريبات كالخالات والعمات والجارات وصولاً إلى المعلمات. وعلى الرغم مما تتركه كل امرأة من بصمات خاصة بها على محيطها إلا أنها محكومة بمنهج تربية عام يتضمن خليطاً من عادات وتقاليد و”عيب وحرام” ينبغي عليها أن تنقله للأبناء لتنال الرضا الاجتماعي عنها بوصفها زوجة صالحة وأماً فاضلة. وعلى ذلك فالمرأة هنا هي ناقل ووسيط، حارس وشرطي مفوض اجتماعياً ودينياً، عبر الحث…
-
هل يحق لامرأة تولي منصب الأمين العام للأمم المتحدة؟
يبدو السؤال في عنوان المقالة وكأنه ينتمي إلى سالف العصر والأوان. لكنه، وعلى العكس من التوقعات وبالضد من كثير من القرارات الأممية، كان سؤالاً مثيراً لجدالات والتباسات جرى حسمها مؤخراً (في 11 أيلول/ سبتمبر 2015) لصالح الاعتراف بحق بدهيّ من حقوق المرأة. حيث اعتمدت منظمة الأمم المتحدة قراراً ينص على أن “الجعمية العامة تدعو الدول الأعضاء إلى التفكير في تقديم مرشحات لهذا المنصب…” قصة “الرجل رفيع القيمة” منذ نشوء هيئة الأمم المتحدة وحتى اليوم، تناوب ثمانية رجال على شغل منصب الأمين العام فيها، الأمر الذي لم يجرِ بفعل العادات والأعراف التي كانت سائدة وقتذاك وحسب، بل بالاستناد إلى نص صريح يطالب بأن يكون الأمين العام “رجلاً رفيع القيمة..”، الأمر الذي…
-
دفاعاً عن الانسان السوري
لا لتعدد الزوجات انتشرت في الفترة الأخيرة نكات وتعليقات تتناول قرار سحب الشباب لخدمة الاحتياط في الجيش “النظامي” من قبيل: “جنة الشباب منازلهم”، و”انضب يا رجال بالبيت”، و”ما عنا رجال تكشف وجهها”.. في إشارة إلى اختفاء الشباب المفاجئ وتحاشيهم الظهور أو العبور أمام الحواجز، خشية أن يتم سحبهم إلى الموت قاتلين أو مقتولين! هذه الطرافة المحببة الجديدة تفصح عن تغييرات عميقة قيمية وأخلاقية جرت وتجري في سوريا منذ بداية الثورة 2011 وإن تكن شديدة البطء، والمقصود مبادرة الشابات بملاطفة الشباب، وإعلان مظاهر الحرص عليهم بالكلام والموقف. يقول الرجل: لا تقصفوا، هناك نساء وشيوخ وأطفال، وتقول المرأة: لا تخرج من البيت فأنا أخشى أن أفقدك. في الحالتين، هناك حرص على الآخر،…
-
مناهضة التمييز ضد المرأة يعني مناهضة كل تمييز آخر
تكاد لا تفارقني صورة المرأة الفرنسية التي وقفت في إحدى اللقاءات لتقدّم تعليقاً على حديث تناول الوضع السوري. حقيقة لم أفهم كل ما قالته (رغم وجود المترجمين)، لأنها كادت تختنق بدموعها، تبكي دون انقطاع وتتوسل السوريين أن يغفروا لها. قالت ما معناه (لا أستطيع أن أسامح نفسي، كيف أني وعائلتي ومعارفي نعيش كل هذه السنين حياة طبيعية هادئة، وفي سوريا ناس يتألمون، يعذبون، يسجنون ويموتون! وسألت بحرقة: لماذا يحدث كل ذلك؟ كيف يصمت العالم وحكوماته عما يجري؟ وما الذي نستطيع فعله لمساعدتكم؟). في إحدى الندوات، بلغ الحضور في تعنيف أنفسهم ونقد عجزهم حداً جعل البعض يطالب بقليل من الرأفة والتعامل الهادئ علّه يوصل إلى نتيجة. وكان السؤال المعذّب: ما العمل؟…
-
التمكين السياسي للمرأة، إلى أي سياسة تتطلع النساء؟
ينطوي مفهوم التمكين على وجود طرفين الأول: قوي وقادر ومتيقن من خياراته، والثاني ضعيف وعاجز وغير مدرك للخيارات المتاحة التي من المفترض أنها ستوفر فرصاً أوفر لحياة أكثر سعادة ورفاهاً، على اعتبار الرفاه المادي والمعنوي غاية الوجود البشري. وبناء عليه عمدت هيئات الأمم المتحدة ومؤسساتها إلى تعميم فكرة واجراءات التمكين السياسي للمرأة في كافة أنحاء العالم منذ أكثر من ثلاثة عقود، وصولاً لاعتباره أحد أهم الأهداف الانمائية للألفية الجديدة. لكن التقارير الأممية مخيبة للآمال رغم كل الجهود والموارد المرصودة لتحقيق الهدف، حيث لاحظ آخر تقرير ” أنه ما من منطقة في العالم تسير على المسار الصحيح لبلوغ الهدف المتمثل بأن تشغل النساء 30% من مواقع صنع القرارات”. علماً أن المرأة…
-
السوريات والحاجة إلى مزيد من التعبير والتنظيم
لم تزل النساء (مع الأطفال وكبار السن) هن الضحية الأولى لكل أنواع الحروب والأزمات. هذه البديهية لم تتغير، الذي تغير هو الاعتراف بها عالمياً، حتى أنه مؤخراً قامت احدى الحكومات المحلية غرب اسبانيا بسّن قانون يقضي بصرف (300) يورو شهرياً لكل امرأة شهدت الحرب الاسبانية أو ولدت خلالها (1936 ــ 1939) والذي ستستفيد بموجبه (35) ألف امرأة، تقديراً من الحكومة المحلية لما عانته وواجهته أؤلئك النساء من مصاعب ومشاق وهضم للحقوق طيلة أعمارهن. فالثابت أن الضحايا الأحياء يعانون ويتعذبون أكثر بمرات ممَن قضوا. لعل الجزء المظلم من الخبر السابق هو الجدير بالاهتمام: أي مدى تعقد مسارات معالجة تبعات الحروب، وبطئها وترددها ومحدوديتها ووطأة العمل المترتب على الضحايا وذويهم وأنصارهم لإنصافهم…
-
المرأة السورية: مخاضات عسيرة وآمال ممكنة
في سوريا وبعد أربع سنوات من الصراع الدامي المرير، يبدو ظاهراً للعيان تفتت المجتمع وتقوض معظم بنيانه اثر انفلات العقد الاجتماعي السابق القائم على القهر والهيمنة، دون ظهور أثر لعقد جديد بين المواطنين رجالاً ونساءاً. ما يعني أن الحرب والفوضى والخراب والدمار وتبعاتهم تقع على كاهل المجتمع بكل شرائحه وأطيافه، وتدفع كلفها الباهظة الأطراف الأكثر ضعفاً وهامشية: المرأة والطفل وكبار السن تعاني المرأة السورية اليوم من النزوح والتشرد وفقدان المأوى وواجب حماية الأولاد ورعايتهم بعد غياب الزوج في القتال أو موته أو اصابته أو اعتقاله أو خطفه أو معاناته من البطالة، وهاجسها ضمان حق الحياة لنفسها ولأولادها وتعليمهم وتأمين غذائهم وصحتهم وحمايتهم من الاعتداءات المادية والمعنوية في ظل انفلات أمني…
-
أفكار تمهيدية حول تحرر المرأة .. عن الوجه الطيب للحرية
منذ أيام بكت على صدري شابة تشتكي هجر رفيقها، وهي تقول: همّي لا تحمله جبال، ربما تستطيعين أن تكتبي عنه رواية!. وفي التفاصيل وعدتها أن أكتب «بوستاً» صغيراً عن قصتها في الفايسبوك. كتبت البوست المتعاطف مع المرأة (طبعاً) على ورقة وأنا في القطار الذي يأخذني إلى دورة اللغة الفرنسية في منفاي الجديد. في نهاية الدرس الطويل كنا نستمع إلى أغنية فرنسية تحكي عن الهجران وآلامه، وكان الأستاذ يترجمها لنا، لفتني أنه يترجمها بصيغة المذكر، أي أن الذي يعاني من الهجر هو رجل، استوضحته وعقلي مشغول باللغة الفرنسية وقواعدها: هل هذه الكلمات بصيغة المذكر فعلاً؟ فاجأني الأستاذ (المتطوع اللطيف) برّده القاطع: «أكيد، ليش عمرك شفتي حدا يتعذب وينتحر من الحب غير…
-
التحرش الجنسي والعنف ضد المرأة في أوربا
ثلث نساء أوربا يعانين من العنف الجسدي والجنسي! ومن أصل (62) مليون امرأة أوربية تعرضن للتحرش منذ سن الخامسة عشر، هناك (9) ملايين امرأة مغتصبة! تبدو صادمة ومخيفة هذه الأرقام التي نشرتها أحدث دراسة أجرتها وكالة الاتحاد الأوربي مطلع العام الحالي، ما يثير مئات الأسئلة عن ظواهر العنف المجتمعي عموماً، والعنف تجاه النساء خاصة، وسبل الكشف عنها وإعلانها وصولاً للتعاطي معها كظاهرة بشرية عامة تقتضي الاعتراف بوجودها ومخاطرها، وإيجاد السبل الكفيلة بالوقاية منها والحد من تفاقمها ومعالجة نتائجها ما أمكن. إذ سبق للبرلمان الأوربي أن اعتبر التحرش جريمة تنتهك حق الانسان في الأمن الجسدي والنفسي، وهو الحق المشرع في لائحة حقوق الإنسان، والذي تم تأكيده في اتفاقية مناهضة التعذيب 1984.…