لم تزل النساء (مع الأطفال وكبار السن) هن الضحية الأولى لكل أنواع الحروب والأزمات. هذه البديهية لم تتغير، الذي تغير هو الاعتراف بها عالمياً، حتى أنه مؤخراً قامت احدى الحكومات المحلية غرب اسبانيا بسّن قانون يقضي بصرف (300) يورو شهرياً لكل امرأة شهدت الحرب الاسبانية أو ولدت خلالها (1936 ــ 1939) والذي ستستفيد بموجبه (35) ألف امرأة، تقديراً من الحكومة المحلية لما عانته وواجهته أؤلئك النساء من مصاعب ومشاق وهضم للحقوق طيلة أعمارهن. فالثابت أن الضحايا الأحياء يعانون ويتعذبون أكثر بمرات ممَن قضوا. لعل الجزء المظلم من الخبر السابق هو الجدير بالاهتمام: أي مدى تعقد مسارات معالجة تبعات الحروب، وبطئها وترددها ومحدوديتها ووطأة العمل المترتب على الضحايا وذويهم وأنصارهم لإنصافهم…
-
-
المرأة السورية: مخاضات عسيرة وآمال ممكنة
في سوريا وبعد أربع سنوات من الصراع الدامي المرير، يبدو ظاهراً للعيان تفتت المجتمع وتقوض معظم بنيانه اثر انفلات العقد الاجتماعي السابق القائم على القهر والهيمنة، دون ظهور أثر لعقد جديد بين المواطنين رجالاً ونساءاً. ما يعني أن الحرب والفوضى والخراب والدمار وتبعاتهم تقع على كاهل المجتمع بكل شرائحه وأطيافه، وتدفع كلفها الباهظة الأطراف الأكثر ضعفاً وهامشية: المرأة والطفل وكبار السن تعاني المرأة السورية اليوم من النزوح والتشرد وفقدان المأوى وواجب حماية الأولاد ورعايتهم بعد غياب الزوج في القتال أو موته أو اصابته أو اعتقاله أو خطفه أو معاناته من البطالة، وهاجسها ضمان حق الحياة لنفسها ولأولادها وتعليمهم وتأمين غذائهم وصحتهم وحمايتهم من الاعتداءات المادية والمعنوية في ظل انفلات أمني…
-
أفكار تمهيدية حول تحرر المرأة .. عن الوجه الطيب للحرية
منذ أيام بكت على صدري شابة تشتكي هجر رفيقها، وهي تقول: همّي لا تحمله جبال، ربما تستطيعين أن تكتبي عنه رواية!. وفي التفاصيل وعدتها أن أكتب «بوستاً» صغيراً عن قصتها في الفايسبوك. كتبت البوست المتعاطف مع المرأة (طبعاً) على ورقة وأنا في القطار الذي يأخذني إلى دورة اللغة الفرنسية في منفاي الجديد. في نهاية الدرس الطويل كنا نستمع إلى أغنية فرنسية تحكي عن الهجران وآلامه، وكان الأستاذ يترجمها لنا، لفتني أنه يترجمها بصيغة المذكر، أي أن الذي يعاني من الهجر هو رجل، استوضحته وعقلي مشغول باللغة الفرنسية وقواعدها: هل هذه الكلمات بصيغة المذكر فعلاً؟ فاجأني الأستاذ (المتطوع اللطيف) برّده القاطع: «أكيد، ليش عمرك شفتي حدا يتعذب وينتحر من الحب غير…
-
التحرش الجنسي والعنف ضد المرأة في أوربا
ثلث نساء أوربا يعانين من العنف الجسدي والجنسي! ومن أصل (62) مليون امرأة أوربية تعرضن للتحرش منذ سن الخامسة عشر، هناك (9) ملايين امرأة مغتصبة! تبدو صادمة ومخيفة هذه الأرقام التي نشرتها أحدث دراسة أجرتها وكالة الاتحاد الأوربي مطلع العام الحالي، ما يثير مئات الأسئلة عن ظواهر العنف المجتمعي عموماً، والعنف تجاه النساء خاصة، وسبل الكشف عنها وإعلانها وصولاً للتعاطي معها كظاهرة بشرية عامة تقتضي الاعتراف بوجودها ومخاطرها، وإيجاد السبل الكفيلة بالوقاية منها والحد من تفاقمها ومعالجة نتائجها ما أمكن. إذ سبق للبرلمان الأوربي أن اعتبر التحرش جريمة تنتهك حق الانسان في الأمن الجسدي والنفسي، وهو الحق المشرع في لائحة حقوق الإنسان، والذي تم تأكيده في اتفاقية مناهضة التعذيب 1984.…
-
المرأة السورية في عيدها: نازحة .. مشردة .. خائفة
يأتي يوم المرأة العالمي هذا العام، والمرأة السورية نازحة أو مشردة أو منكوبة بفقدان بيتها وذويها، وترزح تحت وطأة الخوف والعوز وفقدان الأمل. ناهيك عن معاناة الشابات وقلقهن على مستقبل التعليم والحريات والعنوسة المحتملة، والنزعات العنفية التي تعممها الحرب باستمرار. وقبل هذا كله، حقها في الحياة والسكن والطعام والدواء والأمن الذاتي. ما يضعها أمام مسؤوليات وتحديات جسيمة لم يسبق أن تم اعدداها لمواجهتها. المرأة والسلطة يتزامن الاحتفال بيوم المرأة العالمي في سوريا مع الاحتفالات بذكرى ” ثورة البعث في 8 آذار 1963″، ولعل صدفة التزامن هذه تختزل مشهد وضع المرأة خلال عهد البعث بكامله. حيث عمد البعث بتوجهاته الإيديولوجية إلى تهميش مجمل الحقوق والحريات الوطنية وحرية وحقوق المرأة ضمناً. ما…