مضى رجل الحزن الوسيم.. أنسي الحاج
من جعلنا نؤمن بأن لا شيء يجمّلنا مثل الحب، الحزن، الرّقة
يا أنسي.. يا وحشتنا
ينتصر علينا سرّ التراب، مرة تلو مرة يستدرج كأس حبنا المترعة، تنسكب على جنباته ملحاً مراً يشربه حتى آخرنا، متشفياً ببلاهتنا: كم موتاً يلزمنا لنتذكر أن نحيا ؟!
الليلة، سيتدارك العشاق ما فاتهم في محاكاة التراب: وجداً وهيام، حباً وكلام.. يجدر بالأحبة أن يبوحوا: بحبك قدّ الله وأمواتو.. قدّ الشعر ورفقاتو
“أكثر ما يخفف القهر، ليس الصراخ والغضب بل الرقة “
ألف حياة لك أيها الرقيق كغمام يمطر ويمطر…
ومن قال أن الكلمة لا تنقذنا؟!
السلام لروحك “صديقي” ادوار الخراط
في التحقيق معي عند اعتقالي في التسعينيات، كان عليّ مواجهة معضلة افشاء “الأسرار التنظيمية” التي احتوتها مئات الرسائل المكتوبة بخط اليد (وعدد كبير منها كان بخط يدي!) الخطير في الأمر، أنه كان عليّ أن أدلي بالأسماء الحقيقية للرفاق وكان بعضهم مازال خارج السجن.
لا أعرف أية عناية سماوية ألهمتني ارتجال كذبة: كانت عبارة عن استعارة من الكبير ادوار الخراط. أخبرتهم أن هذه الرسائل ظلت محفوظة في الأرشيف لأن أصحابها إما تركوا الحزب أو انقطع اتصالهم به، حتى أننا (وسأكشف لكم سراً) نسميها: “رسائل لن تصل” وكان هذا عنوان مجموعة رسائل مدهشة للخراط قرأتها منشورة في مجلة الكرمل.
في الحياة وفي السجن وفي المنفى… لا أدري كم مرّة أنقذتني الكلمات وأعادت لي الثقة والطمأنينة بأننا نحن البشر الذين نشبه بعضنا لابد أن نلتقي متخطين العقبات “الهامشية” للزمان والمكان وأن لا شيء يضيع ولا شيء يفنى.
وسيظل ذكرك مؤبداً في روحي وكثيرين.. نم بسلام عزيزي ادوار الخراط.