ع البال

عن فيروس العنف وحروب الهوية

 والقتل والتقطيع والتشويه وصولاً للإبادة… كتب (مصطفى حجازي)

” فيروس العنف موجود دائماً في بنية العصبية نفسها، يظل كامناً في حالات الصراع السلمي، وينشر وباءه في حالات حروب الهوية والتصفيات العرقية أو الطائفية أو الإثنية أو حتى السياسية… ذلك أن أوالية الانشطار الانفعالي المميزة لها… تركز كل العواطف الإيجابية (الانسانية وكل قيمها السامية) في العصبية… وفي الآن عينه توجه كل السلبيات ومظاهر السوء والانحطاط إلى العصبيات الأخرى…بحيث يصبح الآخر اللاانسان ويكتسب دلالة السوء… ومن هنا فالتضحية به باعتباره اللاانسان لا تصبح ممكنة فقط، بل هي واجبة وتتخذ دلالة العمل النبيل والرسالة المقدسة.. وهكذا تتحرر نزوة العدوان من كل الضوابط الانسانية التي تقيدها عادة، ومعها تنطلق عمليات الإبادة والتصفيات بزخم وحماس ليس لهما مثيل في الحياة العادية. يبلغ الأمر حد التشفي والتمثيل بالجثث تحقيراً وتقطيعاً، وكأن فعل القتل وحده لا يعود كافياً. بل لابد من القضاء على تكامل جسد الجثة ليس فقط لتفريغ الاحتقان العدواني الهائل، بل للقضاء على هوام عودة الحياة إلى الجثة ذاتها. وكأن الجسد المتكامل، حتى في حالات موته، يظل يحمل تهديد العودة. والواقع أن الأسلحة الفتاكة المستخدمة راهناً في عمليات القتل تمثل الغاء كلياً لكيان الآخر من خلال تحويله إلى أشلاء”

من كتابه ” الإنسان المهدور”

احدى رسائل ادوار الخراط

-1-

مازال تأثير خطابك شاقاً علي نفسي .

تمنيت لو لم ترسلي الىً شيئاً . الخطاب قائم بيننا لا يمكن هدمه ، لا يمكن التغاضي عنه ، لا يمكن نسيانه .

كأنما كان تادية واجب ، او ردا على مجاملة .

هناك أشياء يحسن ألا تُقال . كأنما قولها يعطيها حضوراً – او وجوداً – لم يكن قائماً من قبل .

كأنه يضع نهاية – أو عقبة لا يمكن عبورها .

قولها وحده يكشف واقعة. لا ، بل يخلق حقيقة .

هل كان افتقاد الحرارة أصلياً ؟

ام ان الرسائل – والكلمات والجمل والفقرات – بطبيعتها ، لابد أن تكون صامتة ،

لا يمكن أن تُبين ، مهما كانت – كما يقولون – ( نابعة من القلب)

كان في الكلام سخرية غير مستحبة أيضا ، أو ما يشبهها .

هل يمكن ان تحمل الكلمات هذه الشحنة الكامنة من الاستهانة او الاستخفاف ،

وعدم التصديق أيضا ؟

أم أن هذه الشحنة كلها – هذه الشبهة كلها – من عندي انا ، وانا الذي أضعها في الكلمات المحايدة التي لا تعني بالضرورة شيئاً .

قلبي يرتجف – كالعادة – كلما أحسست ان يوم لقياك يقترب . كأنه في حقيقة الأمر حكم بالابتعاد .

ليس في اللقاء الا فصل وفرقة محددة ، عينيًة ، سقطت عنها خيوط العنكبوت الحريرية المنسوجة من الوهم والأمنية

أهذا شوق وحنين ، أم رهبة ؟

هل ألقاك ، إذن ، رسمية ، فاترة ، مجاملة ولبقة صحيح ولكن طول الوقت أخرى ؟

أم حارة مفتوحة الذراعين متلهفة وصامتة ؟

بأنين الشوق أم بمهارة الكلام الحلو الذي لا حسم فيه ؟

الصمت المحمًل

وإذ اكتب هذا – هل بالفعل سأرسله ؟

– فهل فيه شبهة ابتزاز لحب أحسه آفلاً عندك ، هل تميل شمسه المحرقة للغوص في صفحة بحر الغروب ،

كما يقال عادة في مثل هذه الظروف ؟

أم أنني أضفى على وصفه تحدياً ليس فيه ، على أي حال ؟

وأريد له بقاء فوق الزمن ، فوق الفجر وفوق الغسق ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *