ينبغي أن تغيب عن قلب مدينة دمشق قليلاً لتراه، فتراقب حركة الدوامة، عمقها واتساعها وسرعتها، تتوغل بين المارة – الشعب-. وجوه بين الشرود والذهول، أخرى تلوك لقيمات سندويشة تصغر وسعرها يكبر، صبايا وشبان يصرخون ويتضاحكون بتحدٍ مستفز، أناقة مبالغة ورثاثة لا مثيل لها يتجاوران للحظات وسط المدينة، متسولون ومتسولات من كل الأعمار، بسطات تبيع فراشي الأسنان المستعملة مع الدبدوب المتّسخ وطناجر الطبخ القديمة وكتب مغبرّة. حواجز جديدة تنبت كالفطر: لا جدوى من حفظ جغرافيا السير في دمشق، بين ليلة وضحاها تتغير الطرقات، بضعة أكياس إسمنت وعسكر يقطعون خط السير بإشارة من روسياتهم. أصوات قذائف بعيدة تأتي من قاسيون. على الإشارة المرورية تقف شاحنة لنقل الجنود بأسلحتهم، أعابث جندياً يبتسم بلطف:…
-
-
الحب في زمن الثورة
عندما تجوع الثورة تأكل أبناءها عندما تجوع الأحياء تأكل بعضها وعندما يجوع الحب يأكل نفسه الارتجال والتقشف والحرمان شغوذة.. لكل داء دواء.. اسأل مجرب واسأل حكيم وبنت الجيران اسألها ضروري وفيك تسأل روحك كمان..اسآل ضل اسآل.. انسحابات “تكتيكية”: الديدان سبقتك إلى تفاحة قلبي.. ها أنا شاحبة.. وخالية من السّكر.. أتدحرج إلى طبقك.. أليست هذه وجبتك الصحية من النساء؟! لا تخبرني أنك صائم! حسناً.. حسناً.. مازال لدينا ما نفعله معاً: دعنا نسبّح بحمد صديقنا الحرمان. شوكة الحكمة العليلة تسميه كذباً.. ذلك الصدق المفرط اللهفة! هو البوح المنفلت من سجونها، يفوح بعذوبة القلب وخصوبة الخيال.. “الكذب” أرجوحة الروح المدّلله، رياضتها المرحة، وشقاوة صبواتها.. تأسرني “الأكاذيب”: صدقنا الناجي من رقابة…
-
تأملات في إسلام أردوغان (دراسة) 2010
اكتشاف تركيا للعرب حديث، جغرافيا وتاريخا وديناً، بل صار العرب يكشفون أنفسهم أمامها، مستدعين ذاكرتهم الرّاغبة في العودة إلى أحضان “الإمبراطورية”. (إذا استثنينا الجهد الجادّ للمثّقفين، وبعض التوجّس لدى القوميين العرب). وإذا كان العرب ينظرون إلى تركيا/أردوغان بعيون إسلامية يستخفّها الطرب بمواقفه البطولية، فتحسبها تقرّباً وانحيازاً وطلباً للودّ بعد طول انقطاع، فإنّ تركيا/أردوغان المأخوذة بسطوة حضورها العربيّ مادياً ومعنوياً، لا تنفكّ تلهب مشاعر العرب وربما دهشتهم، في أداء واجبها بالعمل على تنفيذ برنامج حزب “التنمية والعدالة” الذي أوصله إلى السلطة مرّتين دون إعراب عن أيّة أهداف أو نوايا بإقامة دولة إسلامية داخل تركيا، ناهيك عن خارجها. ولئن كان الإسلام هكذا على إطلاقه هو الذي يلمّ شمل العرب وتركيا، فهو يجمع…
-
الذكرى الثانية لإعدام الإيرانية “ريحانة جباري”
عن الاغتصاب : ريحانة” كانت ابنة 19 عاماً عندما استدرجها ضابط المخابرات إلى منزله لأجل العمل في الديكور (مجال تخصّصها)، وهناك حاول اغتصابها، وكان مُتعمّداً؛ حيث تقول التحقيقات إنها وجدت شراباً مُسكراً، وحسب اعترافات “ريحانة” فإنّها طعنته في ظهره وليست مسؤولة عن موته! لسنا قضاة ولن ندخل في التفاصيل الجنائية للقضية التي أثير حولها الكثير عبر ما يزيد عن خمس سنوات تلت الحادثة. أصرّ النظام الإيراني على إعدام “ريحانة” شنقاً، رغم تدخّل منظمات حقوق الإنسان والحكومة الأمريكية، بالإضافة إلى ما يفوق مئتي ألف توقيع من مختلف الجنسيات ناشدت السلطات الإيرانية التراجع عن الحكم، ولم تفعل. “هذا البلد الذي زرعتِ حبّه في داخلي لم يكن يريدني أبداً” هذا ما قالته ريحانة…