ينبغي أن تغيب عن قلب مدينة دمشق قليلاً لتراه، فتراقب حركة الدوامة، عمقها واتساعها وسرعتها، تتوغل بين المارة – الشعب-. وجوه بين الشرود والذهول، أخرى تلوك لقيمات سندويشة تصغر وسعرها يكبر، صبايا وشبان يصرخون ويتضاحكون بتحدٍ مستفز، أناقة مبالغة ورثاثة لا مثيل لها يتجاوران للحظات وسط المدينة، متسولون ومتسولات من كل الأعمار، بسطات تبيع فراشي الأسنان المستعملة مع الدبدوب المتّسخ وطناجر الطبخ القديمة وكتب مغبرّة. حواجز جديدة تنبت كالفطر: لا جدوى من حفظ جغرافيا السير في دمشق، بين ليلة وضحاها تتغير الطرقات، بضعة أكياس إسمنت وعسكر يقطعون خط السير بإشارة من روسياتهم. أصوات قذائف بعيدة تأتي من قاسيون. على الإشارة المرورية تقف شاحنة لنقل الجنود بأسلحتهم، أعابث جندياً يبتسم بلطف:…