أكتب ما أعيشه، ما أقبله لنفسي، ما يراه قلبي المنتمي بالولادة ومن ثم بالاختيار الحر إلى أغلبية الناس البسطاء رغم كل ما يتلبسهم من تلوّنات.
لا أعيش من كتابتي، كل ما يحيط بظروف النشر يدفعني بعيدة عن الكتابة لحاجتي إلى كسب لقمتي عبر أعمال أخرى ثانوية، خاصة وأني لاجئة في ضواحي باريس ــ فرنسا.
وهكذا فأنا كاتبة غير محترفة، أحمل شهادة اعلام من جامعة دمشق، الأمر الذي يتيح لي هوامش حرية أوسع في اختيار موضوعاتي وطريقتي بالكتابة. على أمل أن تصبح مدونتي الصغيرة هذه نافذتي للنشر والتواصل مع العالم.
قيمي العليا في الحياة وفي الكتابة: الحرية، الكرامة، العدالة
كلماتي المفضلة: ممكن، نستطيع، لنجرب، لنحاول، ماذا لو، طيب، حلو، الانسان، الألوان، التنوع، الوفرة، نستمع، نهتّم، ننتبه، لنتبادل، لنتشارك… لنفعل.
لا أكتب لأشفى من معاناة ولست رسولة ولا مصطفاة لأبشر أحد، بدأت القصة بشغفي في اللعب مع الكلمات واكتشاف وتوليد كلمات جديدة ووضعها في سياقات غير مألوفة، مع المرح والدهشة فهمت أن الكلمات تختزن أفكاراً ومعارف ودلالات… تماديت في الجري وراء المعاني و”المباني” لأجد نفسي في عالم الكتابة المشاكسة والمتمردة والمختلفة عن السائد والمتاح.
ببساطة، أشعر أن الكتابة هي الوسيلة المناسبة لي للتعبير عن الانتماء والتواصل مع أشباهي الكثر من البشر الوحيدين المشتتين المعذبين الذين يجترحون معجزات يومية لتحّمل حياتهم المفروضة عليهم بقوة السلطات السياسية والاقتصادية والدينية والاعلامية وجبروت العادات والتقاليد وسطوة الواجب ومتطلبات الأسرة، حتى لتكاد تصبح الحياة نقمة وليست نعمة كما يجدر بها أن تكون.
مسؤولية الكلمة: “الكلمة دين، من غير ايدين، بس الوفا ع الحُرّ”
نعم إنها سطوة الكلام وخاصة إذا كان منشوراً، فالكاتب/ة برأيي مسؤول عن ما يقوله وعن ما يسكت عنه، عن طبيعة موضوعاته وزوايا تناولها، عن اغفاله لجوانب منها وعن عدم تدقيقه في كلامه، عن النبرة واختيار الألفاظ، عن الكسل والتعميم واجترار السائد، وعن عدم اعترافه بأخطائه في التفكير أو التقدير، أقصد هنا الكاتب/ة الذي يحترم كلمته ويقدّر دورها وأثرها.
وأنا ككاتبة ربيّت نفسي ولم أزل (عمري 57 سنة بس)، مسؤولة عما أكتب أمام نفسي وأمام قرائي المحتملين. مسؤوليتي تكمن في المساهمة في انتاج ثقافة تحترم الانسان وتصون حرياته وكرامته وتتيح العدل للجميع، هذه الثقافة التي يجري الآن تحطيمها عبر تحويلها إلى ترفيه واعلام واعلانات.
اهتماماتي
لست متخصصة في مجال معين، فالتخصص في الكتابة (وغيرها) يحمل معه مخاطرة الرؤية من زاوية واحدة والنظر إلى عمق محدد وبالتالي اغفال بديهية أن العالم وعلومه وموجوداته مترابطة ولا يمكن فصلها أو تحييدها إلا في مختبرات الدراسة.
اهتماماتي بالنسوية ساعدتني أن أستعيد ميلي الفطري للبحث عن الترابط والتبادل في العلاقات بين البشر ومنتجاتهم المادية والمعنوية. ما يعني أيضاً وقبل كل شيء، الحذر من الوقوع في فخ الاستسهال والسطحية.
حقيقة أني أم لصبيَة (ديانا 29 سنة)، تغذّي كتابتي بطرق وآليات لا أستطيع حصرها. العلاقة التي نسجناها(ومازلنا) معاً، جعلتني أختبر خلائط عجيبة من المشاعر والأفكار والتطلعات من أقصى الطموح الجامح إلى أشقى درجات البؤس، عرفت الحرمان والأشواق الجريحة، عشت الغبطة! كدت أتوه في سراديب الضعف والرجاء، ونجوت دفاعاً عن اختياراتي وثقتي أننا نستحق حياة أقل قسوة.
كتاباتي تهتم بالانسان/ة، وكل ما يخصه وما يدور حوله وما يجري داخله. أميل للمس أحلامه وأوهامه وأصواته الداخلية التي تلّح عليه أن يحب ويمرح ويختار ويجرّب ويتمتع بما يملك، أن يحتفي بوجوده ويدّلل محيطه ويحيا راضياً مطمئناً صادقاً دون الحاجة إلى تجميل وأقنعة.
لو كان لي الاختيار، لاخترت أن أتعمق في علم الاجتماع. لأننا مجتمعين أو مجموعين على هذا الكوكب، دون أن نصل بعد إلى آليات تنظم اجتماعنا بما يحفظ لكل منا حريته وكرامته ورفاهيته.
أكثر من الظلم والتسلط أكره الخوف. الظلم أصل كل الشرور، لكن الخوف يعني التسليم بانتصار الظلم، بقدرته على سحق الارادة الحرة للانسان. ولذلك قضيتي الأهم في الحياة والكتابة هي محاربة الخوف بكل أشكاله وتنويعاته، ومحاولة الكشف عن الامكانات الهائلة للبشر جماعات وأفراد للتغلب على مخاوفهم.
أنا أيضاً أستطيع
يُقال أن “انشتاين” تأخر في الكلام وكانت جملته الأولى: “الحساء حار أكثر من اللازم” وعندما سأله أهله لماذا لم يتكلم من قبل؟ أجاب:” كان كل شيء على ما يرام”!
ما أكثر الأشياء التي على ما لا يرومه الانسان البائس في عالم اليوم، وعليه فقد كثرت الاحتجاجات والمطالبات. لكن المتغير الذي أصبحنا ندركه، أننا كبرنا وبات علينا ألا نكتفي بالشكوى والطلب، بل أن نمضي إلى صنع حسائنا الذي نرغب بأنفسنا.
الكتابة إن لم تفضِ في نهاية المطاف إلى فعل يحسّن حياة البشر ويجعلها أكثر رحابة وامتلاء، تصبح ارتزاق أو استعلاء.
هذا ليس كل شيء! الباقي في المدونة وفيما سيأتي.