ضرورة تحليل وتوصيف الحرب المشتعلة في سوريا، لا تمليها مقتضيات المعرفة والبحث، بقدر ما تفرضها راهنية واقعية همّها فهم تعقيدات الصراع الدامي وصولاً للتأثير فيه وانهائه ما أمكن. معظم التحليلات والتقارير اليومية عما بات يعرف بالمسألة السورية، يشوبها الكثير من التشوش مرده الخلط بين مستويات ثلاثة في التعاطي: أولاً : هناك التصورات والافتراضات الذهنية المثالية عن مفهوم الثورة وأهدافها، وعن الثوار والسوريين خاصة، حيث تتجلى “العنصرية” في تنزيه الشعب السوري وثواره عن كل ما هو بشري وواقعي. ثانياً: يحضر عامل اسقاط الرغبات والتمنيات على الواقع، في محاولة لقسره على التكيف مع التصورات السياسية لجهات تبحث عن موقع لها في الصراع. حيث يتم تصوير الحرب على أنها طائفية، أهلية، ثورة سياسية…
-
-
صباح دمشقي: إقبال على الحياة في زحام الموت
ينبغي أن تغيب عن قلب مدينة دمشق قليلاً لتراه، فتراقب حركة الدوامة، عمقها واتساعها وسرعتها، تتوغل بين المارة – الشعب-. وجوه بين الشرود والذهول، أخرى تلوك لقيمات سندويشة تصغر وسعرها يكبر، صبايا وشبان يصرخون ويتضاحكون بتحدٍ مستفز، أناقة مبالغة ورثاثة لا مثيل لها يتجاوران للحظات وسط المدينة، متسولون ومتسولات من كل الأعمار، بسطات تبيع فراشي الأسنان المستعملة مع الدبدوب المتّسخ وطناجر الطبخ القديمة وكتب مغبرّة. حواجز جديدة تنبت كالفطر: لا جدوى من حفظ جغرافيا السير في دمشق، بين ليلة وضحاها تتغير الطرقات، بضعة أكياس إسمنت وعسكر يقطعون خط السير بإشارة من روسياتهم. أصوات قذائف بعيدة تأتي من قاسيون. على الإشارة المرورية تقف شاحنة لنقل الجنود بأسلحتهم، أعابث جندياً يبتسم بلطف:…
-
تأملات في إسلام أردوغان (دراسة) 2010
اكتشاف تركيا للعرب حديث، جغرافيا وتاريخا وديناً، بل صار العرب يكشفون أنفسهم أمامها، مستدعين ذاكرتهم الرّاغبة في العودة إلى أحضان “الإمبراطورية”. (إذا استثنينا الجهد الجادّ للمثّقفين، وبعض التوجّس لدى القوميين العرب). وإذا كان العرب ينظرون إلى تركيا/أردوغان بعيون إسلامية يستخفّها الطرب بمواقفه البطولية، فتحسبها تقرّباً وانحيازاً وطلباً للودّ بعد طول انقطاع، فإنّ تركيا/أردوغان المأخوذة بسطوة حضورها العربيّ مادياً ومعنوياً، لا تنفكّ تلهب مشاعر العرب وربما دهشتهم، في أداء واجبها بالعمل على تنفيذ برنامج حزب “التنمية والعدالة” الذي أوصله إلى السلطة مرّتين دون إعراب عن أيّة أهداف أو نوايا بإقامة دولة إسلامية داخل تركيا، ناهيك عن خارجها. ولئن كان الإسلام هكذا على إطلاقه هو الذي يلمّ شمل العرب وتركيا، فهو يجمع…