مقابلات و كلمات

طفلة لا زوجة


تزويج القاصرات

هو أحد أنواع العنف الصامت (والعنف الصريح غالباً حيث يتم إجبار القاصر على الزواج بالقوة والتهديد) تجاه حق الحياة المصان في كل الشرائع والدساتير والأعراف، وتجاه حقوق الأطفال بالذات، حيث يتم قطع السيرورة الطبيعية والاجتماعية لنمو وتطور الطفلة/ الأم، وقسرها عبر إقحامها في سيرورة الحياة الزوجية والأمومة، المختلفة نوعياً عن طبيعة حياتها كطفلة تحتاج الرعاية والاهتمام، ومصادرة نمو سليم ومعافى للطفل والطفلة/ الأبناء، مادامت مجتمعاتنا لاتزال تعتمد على التنشئة الأسرية للأولاد، فما الذي تستطيع طفلة أن تقدمه لأبنائها من رعاية وتأهيل لم يسبق لها أن حازتهما.
كما يعتبر عنفاً ما تتعرض له من حرمان من اللعب والدراسة ومحاولة فهم العالم والمحيط، وإجبارها على تلقين الأولاد ما لم تتعرف عليه بنفسها وتختبره، من وصفات الأمهات والجدات والنساء الأكبر سناً، دون أي إبداع أو خبرات ذاتية. ما يجعل الأم/ القاصر مجرد آلة للتكاثر وتلقيم المعارف، آلة سريعة العطب نتيجة تحميلها فوق طاقتها من حشوات جاهزة، هي نفسها لا تدري ماهيتها وربما تعاني من عسر هضمها ورفضها، لكنها بالمقابل عاجزة عن إنتاج بديل، حيث لا تؤهلها سيرة حياتها المنتهكة في الطفولة والزواج لعمل بهذا الحجم من التعقيد والتنوع.
كما يعاني الأولاد من أم ناقصة جاهلة مزعزعة الأفكار، مشتتة النفس، منهكة الجسد، انفعالية غالباً وسيئة المزاج، ضائعة بين توق للحياة والمعرفة، وبين محافظة على التقليد والاعتماد الكلي على الولاء العاطفي والديني للأبوين أو أولي الأمر المتحكمين بحياتها وخياراتها.
تزويج القاصرات ليس حلاً لمشكلة عدم القدرة على رعاية الطفلات وحمايتهن، بل على العكس، هو طريقة مضمونة لخلق متوالية من المشاكل المعقدة والمتشابكة لطفلة اليوم وأطفال الغد. وهو تدوير للأزمات وترحيلها وتحميلها على ذمة المستقبل الواعد بتفجرها. من الاحتمالات الأعلى لوفيات الأمهات الصغيرات أو اكتئابهن أو فشهلن في التعاطي مع حاجات أطفالهن. ولابد أيضاً من التطرق إلى مشكلة الرجل المزوج من الطفلة، حيث يزين له العرف والعادات: أنه سيكون من السهل تطويعها وفق مشيئته. لكن سرعان ما يكتشف أنه يلعب دور الأب مع من يحتاجها شريكة في الحياة والحب والعمل والاهتمامات والآمال. فينصرف عنها أو تتحدد علاقته بها بعلاقة المعلم بالتلميذ أو السيد بالعبد، وهي علاقة اتكالية سلبية لا تخفى مصاعبها وانعدام قدرتها على إشباع احتياجات الإنسان رجلاً كان أو امرأة.

12/01/2015

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *