تحية طيبة للحاضرين، وتحية لأرواح المدافعين عن الحرية. قضيت ست سنوات ونصف كسجينة رأي في بلدي سوريا، في تسعينيات القرن الماضي. في السجن أصبحت أمّاً، حيث أنجبت ابنتي الوحيدة (ديانا)، وفيه أيضاً وُلدت نفسي لأصبح ما أنا عليه الآن. الحرمان في السجن اختبرت شتى صنوف الحرمانات المادية والمعنوية. مررت بأوقات عسيرة كنت أشفق فيها على نفسي من قهر الحاجة إلى لقمة نظيفة، كنت أحلم بتفاحة أو بيضة، ببضع قطرات من زيت الزيتون… كان أقصى طموحي أن أحصل على حمام ساخن أو ثياب بديلة عن ملابسي التي اهترأت على جسدي وأنا أرتديها ثلاثة أشهر متواصلة في “فرع الأمن” حيث تسلخ جلدي بفعل الرطوبة والعفن … كنت أخشى القوارض والحشرات التي تزحف…
-
-
عن الحجر الصحّي
أتذكر الحجر الصحي الأول، لم يكن “سيئاً تماماً”. حيث كان الطقس جميلاً، كنا نأكل في الحديقة أحياناً، وكنت أتعشى في موعد ثابت، الأمر الذي ساعدني على انقاص وزني وتنظيم وقتي بطريقة مختلفة عن السابق، كنت أكتب وأشاهد المسلسلات والأهم أنني اغتنمت فرصة التواجد مع أحبائي. كل ليلة في الثامنة مساء، مثل كل الناس في فرنسا، كنا نصفق للطاقم الطبي. كنت أقول لنفسي: البلد الذي يعتني بكبار السن بدل الاهتمام باقتصاده فقط، هذا البلد مازال بخير. الحجر الصحي الثاني، لم أحبه كثيراً. بسبب الطقس أساساً، إذ كنا ذاهبين نحو الشتاء ومحبطين قليلاً، تساءلنا إلى متى سيستمر هذا، وإذا ما كان سيتم ايجاد اللقاح في وقت قريب. وفي المساءات على الساعة الثامنة،…